Tuesday, 15 July 2014

رحلتنا مع عالم التنفس - الجزء الثالث



كل ما سبق له تأثير كبير على عملية التطهير لجهاز التنفس، وليس فقط التنفس بل تطهير الجسد كله من السموم، أيضاً هناك الناحية الغذائية وهي الأكل الصحي والمغذي .. وكل هذه الأمور تؤثر على صحة الجسد والعقل والروح .. قبل كل شيء اولا التطهير و تطهير الفكر والنوايا وليس فقط تطهير الجسد من السموم، يجب التخلص من سموم العقاقير، الكحوليات، الكافيين، النيكوتين، الحسد، الحقد، الكراهية، والصفات السيئة كلها تؤدي الى هلاك .. فالإنسان يوميا يدخل جسمه العديد من السموم من خلال تعرضه لمواد كميائية تلوث الماء والهواء والاشعاعات والطاقة النووية واستخدام العقاقير بكافة أنواعها منها المهدئات وتناول أطعمة غير صحية وسكريات بكثرة ، بالتالي أمراض كثيرة كثيرة، اذا كتبتها لن انتهي قائمة طويلة، بالنسبة لعمليات التطهير .. هي تمثل طرقا لتنظيف وتطهير الجسم وأساسا لعلاج الأمراض من ولكن فقط للعلم والمعرفة لا انصح بتطبيقها الا بإرشاد مرشد واعي متمرس، هناك عبارة عن ابتلاع قطعة من القماش وتقيؤها حتى تنظف المعدة، وهناك عبارة عن غسيل الأمعاء من خلال سحب المياه إليها عن طريق المستقيم، وهناك عباره عن تحريك عضلات البطن من خلال احداث حركة عنيفة حتى يتم اثارة الأعضاء الداخلية .. هذا كله يجب تعلمها من قبل احد المعلمين، وهناك تصويب العينين نحو نقطة محددة حتى تدمع العينين، الدموع تغسلها وتلطفها وايضاً جيدة لتقوية التركيز، وهناك عبارة عن تطهير الجيوب الأنفية بالماء او عن طريق الخيوط، هذا الذي سوف أتحدث عنه اكثر


هل تريد مزيداً من التفاؤل ومزيداً من الصبر ومزيداً من ضبط الأعصاب والثقة بالنفس والنشاط ؟ .. يمكنك أن تحصل على كل ذلك وأكثر بالتنفس العميق الواعي أو ما يسمى اليوچي بالتنفس طاقة الحياة او الطاقة الحيوية (براناياما) او بصيني في الكونغ فو والتاي تشي طاقة ال Chi او في الياباني طاقة ال Ki موجودة عند ممارسين الكاتا .. يختلف التنفس عما ذكرتهم مما سبق عن التنفس العادي، والهدف من عملية التنفس الواعي هو القضاء على عملية التنفس العادية التي يقوم بها الإنسان بطريقة لاإرادية وإحلال التنفس الواعي الإرادي محلها ويتميز الإنسان بأن له القدرة على السيطرة على التنفس وتحويله من حركة لاإرادية إلى حركة نصف إرادية، وذلك بالتحكم في عضلات الصدر والبطن والحجاب الحاجز يكون تحت الصدر، التنفس كظاهرة علمية له وجهان، وجه ظاهر وآخر باطن، أما الوجه الظاهر فهو ما نراه من الناحية الميكانيكية وما يتبع ذلك من الناحية الفسيولوجية، وأما الوجه الباطن فهو يعتمد أساساً على وجود ما يسمى بطاقة الحياة في هواء الأثير الذي نتنفسه، وتعتبر البرانا الطاقة التي تمد الجسم بالحيوية والعمل وهي لازمة وضرورية وبدونها يسود الخمول والكسل والمرض أفراد المجتمع ، كما تعتبر هذه المادة أيضاً مصدراً للطاقة في الكون المحيط بنا، ويعتبر العلماء أن طاقة الحياة مادة تفقد وتكتسب، ونحن نفقدها عند القيام بأي عمل من الأعمال، وكما نفقدها فإننا أيضاً نكتسبها سواء كان ذلك بعلم منا أو بدون علم، ونحن نستطيع أيضاً أن نتحكم في كمية هذه الطاقة التي نكتسبها وذلك عن طريق تنظيم تنفسنا، فكلما زادت كمية الهواء الداخلة إلى جسم الإنسان كلما زادت كمية طاقة الحياة التي تمد مراكزه العصبية بالقوى الحيوية وكلما زادت بالتالي حيوية الجسم ونشاطه، وعلاوة على ذلك فإن كمية طاقة الحياة الزائدة عن حاجة الجسم يمكن اختزانها إلى حين الحاجة إليها، فالطريقة التي نتنفس بها تؤثر مباشرة على صفائنا الذهني وتطورنا البدني .. لو راقبنا من أصابه هم أو مكروه فسوف نجده يتنهد، ومعنى ذلك أنه ينال قسطاً من البرانا أكثر مما تعود أن يفعل في شهيقه العادي، أليس في ذلك دليل على أن الهواء يمدنا بروح من الطاقة تساعدنا على احتمال الهموم واجتياز الأزمات؟ يكاد يكون التنفس هو حلقة الوصل بين الجسم والعقل، فإذا أصيب الجسم بالمرض أو أحس بالألم أو انتابته الحمى أو عسر الهضم أو الصداع تغير عمق التنفس واتساقه، وكذلك الحال حين يكون الإنسان مضطرباً أو حزيناً أو قلقاً أو سعيداً أو مسترخياً، ولذلك كان التحكم في التنفس وسيلة لتحقيق الاسترخاء والسيطرة على حالة الجسم والعقل والروح معاً

نحن نتنفس تنفساً سطحياً لأننا نستخدم الجزء الأعلى من الرئة فحسب، وعلى ذلك لا يكون تنفسنا عميقاً ولا باعثاً على النشاط، الرئة مثلها مثل المعدة تستطيع أن تستوعب أكثر بكثير مما نقدر، وبينما نجد أكثر الناس حريصين على امتلاء المعدة ربما إلى حد التخمة، فليس بيننا إلا القليل الذي يحرص على امتلاء رئتيه بالهواء إكسير الحياة، لو راقبنا تنفسنا فربما نلاحظ أن حركة جدار الصدر تكون معدومة بسبب قلة كمية الهواء الذي نستنشقه في الشهيق، كما أن جدار البطن قد لا يتحرك مطلقاً، ثم إننا إذا حاولنا أن نتنفس بعمق فسوف يرتفع الصدر والكتفان بينما تنضغط البطن إلى الداخل، وهذه طريقة خاطئة للتنفس .. فما هي الطريقة الصحيحة للتنفس ؟


يتم التنفس طبيعياً عن طريق المعدة، ولو راقبنا شخصاً نائماً أو متمدداً على سجيته ولاحظنا طريقة تنفسه لوجدنا أن معدته ترتفع عند الشهيق وتنخفض عند الزفير، لذلك يجب أن يتم التنفس بالطريقة الطبيعية أي عن طريق المعدة ، فعندما نستنشق بعمق فلندفع المعدة إلى الأمام ثم نبدأ بملء الرئتين بالهواء من أعلى إلى أسفل، ويساعدنا على ذلك تمدد المعدة وبسطها للخارج، وعند الزفير فينبغي أن نجذب المعدة إلى الداخل ونطرد الهواء تدريجياً بأن نضغط على الرئتين عن طريق المعدة حين نقبضها إلى الداخل، التنفس الصحيح هو أن تجعل الهواء يدخل حتى يصل إلى قاع الرئتين، لذلك ينبغي أن نترك تجويف البطن يتسع إلى آخر ما نستطيع، ثم نجعل ضلوع الصدر تنفتح وكأنها مروحة، وأخيراً نرفع صدرنا ولكن دون أن نرفع كتفينا، وسوف نكتشف أن الرئة قد استوعبت بهذه الطريقة كمية من الهواء أكثر بكثير مما اعتادت أن تستوعبه، والآن فلنحاول أن نكتم النفس بضع ثوان، وبقاء الهواء فترة قصيرة بداخل الحويصلات الهوائية في الرئتين يجعل جدرانها تتمدد، ويدربها ويمنحها مزيداً من القوة، فتتسع تلقائياً لمزيد من الهواء حتى يتحقق الوصول إلى التنفس السليم .. وعندما نطلق الزفير بعد فترة تتراوح بين ثلاث ثوان وستين ثانية أو حتى أكثر، فلندع الهواء ينطلق بأكمله حتى آخر زفرة من الهواء المستعمل لنفسح مكاناً للهواء النقي إكسير الحياة، وبذلك فإن إطلاق الزفير لا يقل أهمية عن مهمة الشهيق .. حذار من التمادي أو الإرهاق، فمن الضروري أن نتناول كل عمل جديد باليسر في بدايته، وسوف يصبح بإمكاننا أن نتكيف مع التنفس دون إرهاق إذا تمت تدريباته بتمهل وشيئاً فشيئاً .. قد نشعر بالدوار في البداية أو ببعض الألم في الرئتين وفي الضلوع والصدر، إلا أن هذا هو إنذار لأننا ربما قسونا على نفوسنا أكثر مما يجب، أو لأننا لم نتعود بعد على هذا المفعول المضاعف لإكسير الحياة فكانت الجرعة أكثر مما ينبغي
ببساطة شديدة عليك أن تشعر أنك تتنفس، من الصباح إلى المساء، عند ذهابنا إلى العمل أو رجوعنا منه، والفترة المخصصة للطعام، وفترات الراحة، وأثناء صعود السلم، أو الذهاب من حجرة إلى أخرى، أو من قسم إلى آخر، وحين نجلس إلى مكاتبنا، أو حين نطالع، أو نكتب، أو حين نمشي، يجب علينا كلما خطر ذلك ببالنا أن نتنفس بمعدتنا بعمق وإدراك تام لما نفعل، عند الشهيق ندفع المعدة إلى الخارج، وعند الزفير نعصرها إلى الداخل، وحتى عند الخطابة أو الحديث فإننا إذا واصلنا التنفس عن طريق المعدة فسنجد أن بإمكاننا رفع صوتنا رناناً جهورياً حتى يصل إلى أبعد أركان أية قاعة فسيحة .. قل لنفسك : " لا بد أن أشعر أنني أتنفس " ، وشيئاً فشيئاً ستجد أن هذا التنفس لم يعد لا إرادياً بل أصبح واعياً تماماً، ولا تقل أبداً أن المشاكل اليومية تجبرك على التنفس اللا إرادي، فبعد بضعة أيام من التدريب سوف تكتشف أنك تشعر فعلاً أنك تتنفس وأنت تقرأ أو تكتب أو تتحدث مع غيرك .. ما الذي سوف تستفيده ؟ إنه إحساس بالراحة والسيطرة على النفس، إحساس أنك تحيا بعمق أكثر وفي صحة جيدة .. التنفس المنتظم لا بد أن يكون تمريناً خالصاً للاسترخاء والوعي بالذات، ركز على ما تفعله، وعود نفسك على أن تتنفس في صمت وبدون صوت من الأنف ، وأنصح بعدم ممارسة تمارين التنفس قبل النوم لما لها من تأثير منشط على الجسم ولا تساعد على النوم .. ويستحسن مهما كان نوع التمرين أن تتجنب الإجهاد، فلا تدفع نفسك دفعاً، وإذا عددت مرات التنفس العميق فستجد أن هذا العدد يزداد بالتدريج كلما تقدم بك الوقت، وذلك دون أن تجهد نفسك .. وأنا واثقة أنكم إن أوليتم هذا الموضوع ما يستحقه من العناية فسوف تشعرون بأهمية هذه التمرينات، وسوف لا تنظرون إليها على أنها موضوع ثانوي، كما أنكم سوف لا ترضوا بأن يكون تنفسكم كيفما اتفق، كما أنني على يقين من أنكم إن ثابرتم على تمرينات التنفس العميق لشهور قلائل حتى يصبح تنفسكم نشطاً لا يعتوره الخمول فسوف تستفيدوا من ذلك فائدة تلازمكم مدى الحياة، سوف تشعرون بالحيوية والنشاط بعد أن كنتم نصف أحياء، وسوف تستمتعوا بالصفاء والراحة بعد أن كنت عصبياً متوتراً .. الحياة تكون أكثر توازن

التنفس العميق هو الذي ينشط الدورة الدموية ، وينقي الدم من جميع الشوائب ، ويساعدنا إلى حد كبير على التحكم في وظائف الجسم والتخلص من الأمراض البسيطة مثل التهاب الحلق والسعال والزكام والصداع ، كما يساعدنا على التغلب على بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق والخوف ، كما أنه يعيد إلينا النشاط والحيوية ، وينمي في أنفسنا شعوراً بالهدوء والسكينة والسعادة والتآلف مع كل شيء حولنا .. كيف تقاوم الاكتئاب والخوف والقلق ؟ هناك حقيقة هامة يجب أن نعرفها ، وهي أنه في أثناء الحالات العاطفية المصاحبة للاضطرابات العصبية يكون التنفس سطحياً كما في حالات الاكتئاب ، وبالمثل يكاد يتوقف التنفس عند الخوف الشديد ، ويعتبر الخوف والقلق والاكتئاب من أشد أنواع الشرور التي يصادفها الكثيرون ، وهنا نجد علاقة قوية بين العقل والجسم ، فالاكتئاب أو انقباض النفس يجعل التنفس سطحياً ، وإذا حاولنا أن نجعل التنفس عميقاً فإن الانقباض يبدأ في الزوال ، والشخص الذي تعود التنفس العميق الكامل يكون أقل تعرضاً للإصابة بنوبات الاكتئاب ، وعليك أن تحتفظ بتنفسك عميقاً كاملاً حينما تضطرب مشاعرك نتيجة الخوف والقلق ، وذلك كما في المقابلات الهامة وعند زيارة الأطباء وعند الامتحانات التي تؤدي عادة إلى الشعور بالقلق ، وحيث يصاب الإنسان بالتوتر العصبي المصحوب بالتنفس السطحي ، وإذا لم يكن في استطاعتنا إبعاد الخوف والقلق فلا أقل من تخفيف حدتهما ، والتنفس العميق يخفف من حدة التوتر ، وبذلك تصبح المشاعر السالبة أضعف مما كان متوقعاً ، لذلك يجب أن تمارس تمارين التنفس العميق يومياً ، وأنسب الأوقات لتأدية هذه التمرينات هي في الصباح قبل تناول الإفطار


العمل العقلي يتطلب التركيز بالتنفس العميق .. إذا أردت أن تصلح جهاز التنفس فستجد في تمارين التنفس العميق معيناً لك على ذلك ، وكل عضو يضعف بعدم الاستعمال ، وهذا ينطبق على عضو التنفس ، وإذا وصل جهاز تنفسك إلى حد الكمال نتيجة لما بذلت من مجهود فسيمكنك أن تجني ثمار هذا المجهود في أشكال مختلفة ، وستشعر بفائدته خصوصاً عندما يتطلب عملك العقلي شيئاً من التركيز ، فالتنفس السطحي يؤدي إلى بطء الدورة الدموية ، وهذا يؤدي بدوره إلى ضعف التركيز حتى يصبح صعباً ، كما يصبح العمل مملاً ، ولا يصبح العمل العقلي نفسه مجهداً إلا إذا أصبح مملاً ويجب أن يكون تنفسك حراً كاملاً عندما تقوم بأي عمل عقلي ، وكلما كانت الأعمال التي تقوم بها صعبة وجب أن يكون تنفسك عميقاً وبعض الأعمال اليدوية تؤدي إلى الشعور بالملل والضيق لأنها تؤدي إلى ضعف التنفس ، وهذه الحالة شائعة جداً كما في حالة رفع الأثقال ، أو حينما يستلزم العمل الانحناء ، ويجب في مثل هذه الأحوال أن يكون التنفس حراً مستمراً بقدر المستطاع


قريب المنالُ
حب، نور وسلام

Instagram: @abrahamoon
Twitter: @Moon_Abraham